Share :
ثمة ثالوث يمكن لأي زائر أن يراه بالعين المجردة في تايوان , أما الأول فهو النظام الذي يحميه القانون , والثاني , فهو التعددية التي تحميها ديقراطية متجددة , أما الثالث فهو إقتصاد مرن يخترق الحواجز تارة لكنه لا يتوقف عند الجدران صامتا بقدر ما يسعى لتطويعها . تحتار في تايوان , فهل هي نموذج هونج كونج أم هي سنغافورة أم تحاكي دبي , أم ماذا ؟, هي في الحقيقة شيء من كل ماذكر , اقتصاد حر , قوانين تحمي الاستثمار , سياحة مع أنها تعتمد على دول الجوار مثل الصين لكنها تجتذب اليها أفواجا كثيرة من دول العالم , بيد أن الزراعة تأتي في المقدمة , وهي دولة ترانزيت من الطراز الأول وإن اختارت الخدمات , فذلك لأن في محيطها صناعات جبارة , منافستها ليس سهلة وفي النهاية تفوقت هذه الجزيرة على نفسها وعلى واقعها , فلم تنج فحسب بل أصبحت في عداد البلدان الأسرع نموا . وإن كانت جبالها ال 18 تتوسطها لتترك لها شريطا دائريا رفيعا يمتد على سواحلها , فشعبها تمكن من إستغلال كل مساحة متاحة , فتحكي مدنها عن تطورها , من خلف بحار السحب فالشمس تشرق دائما هناك . جولتنا في تايوان شملت رموز التقدم والازدهار الاقتصادي في هذا البلد، فزرنا برج التايبيه وهو من أعلى مباني العالم ، وجربنا ركوب القطار السريع الذي يعرف باسم بول ترين متوجهين إلى ميناء كاوشونغ في جنوب الجزيرة ثاني أهم مدن تايوان والمنفذ الرئيسي لتجارتها. تايوان بلد تتعايش فيه ثلاثة أديان رئيسية هي التاويه والبوذية والكونفوشوسية بالإضافة إلى المسيحية والإسلام، ولو لا التعايش والتسامح بين هذه الأديان لما أحرزت تايوان كل هذا التقدم النوعي والكمي. معبد عمره 360 عاماً ويزوره أكثر من ثلاثة ملايين زائر سنوياً، ميزته أنه يجمع ما بين ديانتين البوذية والتاويه وقد رأينا على مدى تجوالنا في أسواق العاصمة الراقية والشعبية منها , كيف تجلت هذه التعددية في وجوه الناس هناك , فتعتلي وجوههم الابتسامة ولم أر أياً من المواطنين يتظاهرون احتجاجاً في الشوارع رغم تراجع الأوضاع الاقتصادية وتراجع الدخل , العمل هو ديدنهم , لا وقت لأي شيء أخر والانتاج هو واجبهم اليومي ، التعددية كانت مفيدة , فلا مشادات كلامية أو عنف. وأنا شخصياً أرى أن انضباط المواطنين في تايوان يضاهي الآن مستوى الانضباط في الدول الديمقراطية وهو ما يجعل جذور الديمقراطية مستمرة لا تحفل بالخلافات السياسية ولا بحصار بدأ يتفكك بالصبر والحكمة النظر. على طريق العودة الى تايبيه يمكن التمتع برؤية الجبال المكسوة بأشجار غريبة كثيرة، ولا ينقطع السائحون الذين يصعدون الجبال للتمتع بها. ومشاهدة بحار السحب وشروق الشمس. عند غروب الشمس، قبل الأزمة المالية العالمية التي تأثرت بها تايوان مثلها مثل كل دول العالم بلغ معدل النمو الاقتصادي 10.82%، مسجلا مستوى جديدا في الـ24 سنة الماضية، وفقا للاحصاءات الصادرة عن سلطات الجزيرة وإن كانت هذه الجزيرة قد بدأت تتعافى , لكن الأسس لم تزل قائمة لاقتصاد متين وبفضل الاداء الجيد للصادرات والاستثمارات الشعبية والاستهلاك الشعبي، الامر الذي دفع تنمية الاقتصاد المحلي إلى الأمام . مسؤول في السلطات التايوانية قال انه يتوقع ان تواصل صادرات تايوان زيادتها في العام الحالي على خلفية تحسن الوضع الاقتصادي العالمي وتأثير اتفاقية اطر التعاون الاقتصادي بين تايوان والبر الرئيسي الصيني . كما اظهرت الاحصاءات ان نصيب الفرد من الدخل في تايوان بلغ 18603 دولارا ت امريكية في عام 2010، ومن المتوقع ان يصل إلى 20783 دولارا امريكيا في العام الحالي. يناهز عدد سكان تايوان 23 مليون نسمة وتتكلم غالبيتهم المندرينية وهي أكثر اللغات الصينية تداولا. وتغلب على السكان الديانة البوذية والتاوية بنسبة 93% من السكان، وإلى جانب هؤلاء يوجد مسلمون ومسيحيون تايوانيون.ويبلغ الناتج القومي التايواني 528.6 مليار دولار. وعملة البلاد هي الدولار التايواني الجديد. وتأتي الزراعة في قمة هرم النشاط الاقتصادي حيث تصل مساحة الأراضي الزراعية إلى مليوني هكتار مع نظام ري ممتاز وبنية تحتية (قنوات وسدود) جيدة. وتأتي زراعة الأرز في المقدمة، فالبطاطا وقصب السكر والعديد من الفواكه. كما ينشط في تايوان قطاع الصناعات الخفيفة والصناعات التحويلية لا سيما صهر الحديد والمنسوجات والصناعات الكيماوية لا يمكن أن نختم هنا دون سؤال عن علاقتنا في الاردن مع تلك الجزيرة , فالعلاقات الأردنية التايوانية جيدة وإن كانت تايوان تسعى لفتح مزيد من الأفاق لتعزيز وتنمية هذه العلاقات على مختلف الأصعدة. علاقات البلدين بدأت منذ ستينيات القرن الماضي متأصلة ومتجذرة وإن كانت شهدت نقطة تحول رئيسة في أواخر سبعينيات القرن الماضي بحكم الظروف السياسية التي فرضتها العلاقة بين جمهورية الصين الديمقراطية «تايوان» وجمهورية الصين الشعبية. حجم التجارة الجيد بين البلدين يصل في بعض السنوات إلى ما يزيد عن 300 مليون دولار وأهم ما يستورده الأردن من تايوان هو مستلزمات الكمبيوتر والالكترونيات وماكينات وقطع غيار السيارات والألبسة وغيرها، في حين تستورد تايوان من الأردن منتجات البحر الميت والأدوية والفوسفات والبوتاس وزيت الزيتون ومبيدات حشرية وغير ذلك. وأضاف أن هناك 5 شركات تايوانية تعمل في الأردن في المناطق الصناعية QIZ كمدينة الحسن في اربد وفي الكرك ومنطقة سحاب الصناعية وتشكل صادرات الشركات التايوانية في الأردن نحو 10 % من حجم صادرات تلك المناطق من الملابس مشيرا إلى أن معظم صادرات تلك المناطق تصدر للولايات المتحدة الأمريكية. العلاقات الحالية بحاجة إلى مزيد من التفعيل خاصة على نطاق القطاع الخاص بما في ذلك أهمية إيجاد لجان مشتركة بين البلدين تفعل من صور ذلك التعاون وترفع حجم التبادل التجاري واستغلال الفرص في قطاعات التكنولوجيا أو التجارة والتدريب وكثير من المجالات الاقتصادية الأخرى. تايبيه لديها الكثير من الأسواق ليلا في كل منطقة، والأكثر شعبية هو السوق الليلي وفيه تقرأ سحر هذه الجزيرة , وتحديها لظروفها وترى من أين وكيف بدأت نهضتها التي ولدت من حب إنسانها للعمل والشعور دائما بالرضى مهما صعبت الظروف .
Comments (0)
Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked. *