يتجه عام 2014 ليكون عاماً تاريخياً بالنسبة لإصدارات الصكوك حول العالم الاسلامي وغير الإسلامي، فهذه الأداة الاسلامية تغزو معظم الأسواق لتصبح مرغوبة ومطلوبة على مستوى دولي غير مسبوق.. فقد وصل حجمها أكثر من 300 مليار دولار خلال السنوات القليلة الماضية، ومع ذلك تبقى هذه الاداة المالية ممنوعة محلياً في الكويت، انها فعلاً مفارقة غريبة عجيبة تدعو للتساؤل عن سر التقصير الذي كان لدى بنك الكويت المركزي، وانتقل الى هيئة الاسواق.. تقصير بات معيباً ومثيراً للشكوك.
فمنذ سنوات طويلة ونسمع عن تشريعات ستصدر في الكويت للسماح بإصدارات الصكوك وتسويقها، لكن شيئا من هذا القبيل لم يتحقق على الرغم من ان الكويت رائدة في العمل المالي الاسلامي، والمال الكويتي حجر اساس في الكثير من تجارب الصيرفة الإسلامية حول العال.
فعلى الرغم من وجود مشروع قانون للصكوك الاسلامية في الكويت مطروح للنقاش منذ اكثر من 9 سنوات لم ينجح البنك المركزي في الدفع نحو اخراج هذا القانون الى النور رغم الطلب الكبير على الصكوك محلياً واقليمياً وعالمياً، والرغبة المتزايدة في التمويل وفق احكام الشريعة الاسلامية والتمويل طويل الأجل.
ثم انتقل الملف برمته الى هيئة أسواق المال، كون أداة الصكوك تحت نطاق الادوات الاستثمارية، ومر على تأسيس الهيئة ما يزيد على 4 سنوات، ورغم اصدارها مئات التعليمات والقرارات والتعاميم الا انه لم يدر في خلدها العمل على مشروع استراتيجي طويل الأجل يخدم الكويت ونظامها المالي.
ألم تعلم الجهات الرقابية والتشريعية انه بغيابها عن تشريعات ضرورية كالصكوك تعتبر شريكا أساسيا في المضاربات التي تحدث يوميا؟ لانه ببساطة لا توجد أدوات كثيرة أو قنوات بديلة تستوعب كل السيولة لدى أصحاب رؤوس الأموال والطامحين نحو استثمار شرعي آمن او الباحثين عن فرص متجددة مختلفة غير تقليدية.
ورغم مرور9 سنوات على الرغبة السامية بتحويل الكويت إلى مركز مالي، لم تثمن أي جهة قيمة الوقت ولم تسارع الزمن نحو سن التشريعات وايجاد التسهيلات اللازمة وتهيئة البنية التحتية للمركز المالي حتى تستوعب كل الادوات المالية. مصدر مصرفي يسأل: هل يوجد مفهوم آخر لدى الاجهزة الرقابية لمفهوم المركز المالي غير انه يعني ببساطة البنية التشريعية المناسبة التي هي الاساس وحجر الزاوية في مفهوم المركز المالي المتطور؟
أليس مدعاة للاستغراب ان يكون في الكويت 5 بنوك اسلامية تنافس على %50 من سوق التمويل المحلي ولا يمكنها اصدار او تسويق أداة مثل الصكوك؟
مع العلم ان التشريعات واضحة في كل دول العالم ولن نعيد اختراع نظام جديد للصكوك، التي هي أداة تعامل مالي إسلامي واضحة المعنى والتعريف، فقط قد يحتاج الأمر الى إجازة وموافقة وسماح بالتعامل بها.
لماذا تتأخر الجهات التشريعية في سن القوانين المفيدة الجاذبة للفرص ولرأس المال، والتي تتيح للبنوك والشركات الكبرى أصحاب المشاريع العملاقة فرص تمويل طويلة الأجل؟
هل تعلم الجهات الرقابية انه عندما تشارك مؤسسة كويتية مصرفية عريقة وناجحة في ادارة صكوك دولية او اقليمية انه ممنوع عليها حتى تسويقها داخل الكويت؟
هل تعلم أن أكثر من نسبة كبيرة من الأموال الإسلامية التي قامت عليها مصارف في أوروبا ودول الخليج هي بأموال كويتية؟
مصدر الألم لدى صناع العمل المالي الإسلامي أن الكويت لا ينقصها الخبرة المالية والفنية، كما تتوافر فيها السيولة على أعلى المستويات، فضلاً عن انها مقبلة على مشاريع ضخمة وكبيرة، فإذا كانت كل هذه المقومات متوافرة لماذا لا يكون هناك تشريع للسماح بالصكوك؟
يسوق أهل الخبرة المالية الإسلامية جملة من الخصائص التي ساهمت في تميز الصكوك عن غيرها من أدوات الاستثمار الأخرى، واشعلت انتشارها عالمياً:
1 - انها تقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، بمعنى ان مقتضى المشاركات التي يقوم عليها مبدأ إصدار الصكوك من حيث العلاقة بين المشتركين فيها هو الاشتراك في الربح والخسارة بصرف النظر عن صيغة الاستثمار المعمول بها، حيث تعطي لمالكها حصة من الربح، وليس نسبة محددة مسبقاً من قيمتها الاسمية، وحصة حملة الصكوك من أرباح المشروع أو النشاط الذي تموله تحدد بنسبة مئوية عند التعاقد، فمالكوها يشاركون في غنمها حسب الاتفاق المبين في نشرة الإصدار، ويتحملون غرمها بنسبة ما يملكه كل منهم، وفقاً لقاعدة الغنم بالغرم.
2 - انها وثائق تصدر باسم مالكها بفئات متساوية القيمة فإصدار الصكوك بفئات متساوية القيمة مبدأ حتمي لأنها تمثل حصصاً شائعة في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص، وذلك لتيسير شراء وتداول هذه الصكوك، وبذلك يشبه الصك الإسلامي السهم الذي يصدر بفئات متساوية ويمثل حصة شائعة في صافي أصول الشركة المساهمة، كما انه يلتقي في ذلك مع السندات التقليدية والتي تصدر بفئات متساوية.
3 - تصدر وتتداول وفقاً للشروط والضوابط الشرعية، إذ تخصص حصيلة الصكوك للاستثمار في مشاريع تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، كما انها تقوم على أساس عقود شرعية وفقاً لصيغ التمويل الإسلامية كالمشاركات والمضاربات وغيرها، بضوابط تنظم إصدارها وتداولها.
4 - انها من افضل الصيغ لتمويل المشاريع الكبيرة وتوفير السيولة.
5 - افضل وسيلة لجذب المدخرات وفائض اموال المستثمرين ورجال الاعمال.
6 - تحقيق ارباح مشروعة لأصحاب الأموال.
7 - وسيلة لعلاج التضخم والكساد وهي من أنجع أدوات السياسات النقدية.
8 - وسيلة للتوزيع العادل للثروة بحيث تمكن جميع المستثمرين من الانتفاع بالربح الحقيقي الناتج، كما انها تقوم بخدمة المشاريع التي تستفيد منها المجتمعات.
9 - وسيلة مجدية لإدارة موجودات المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، بحيث ان كان لديها فائض فسيوظف في الصكوك وان احتاجت للسيولة باعتها في السوق الثانوية.
10 - مخاطرها أقل بكثير، لانه يستطيع بيعها لأي طرف ثالث اذا ما استشعر خسارته.
11 - يشعر معها المستثمر المسلم بالراحة اكثر لأنه ليس عليها فوائد ربوية مثل اذونات الخزانة، فهو شريك في الاصل، سواء بالمكسب او بالخسارة.
12 - لا تمثل دينا على المصدر وتوفر سيولة نقدية سريعة.
13 - الصكوك الإسلامية: هي شهادات استثمار إسلامية محددة القيمة تحمل مشروعات تجارية أو صناعية أو زراعية يساهم فيها حملة الصكوك وتمثل ملكية تامة لهم، ويجوز لهم التصرف فيها أو بيعها، وهي خاضعة للربح والخسارة.
14 - كما ان الصكوك في جوهرها عقد تمليك او إيجار لجزء من ملكية مشروع استثماري، لا تزيد نسبتها، بل تزيد قيمتها فقط حسب قيمة المشروع الاستثماري المتعامل عليه في هذه الحالة، الصكوك يمكن مبادلتها او بيعها او تحويلها لأسهم بورصة، وذلك جوهر اختلافها عن القروض.
15 - الهدف منها هو توفير السيولة اللازمة لتمويل المشروعات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، كما انها تحقق عوائد مجزية ونسبة من الأرباح توزع على حاملي تلك الصكوك.
Comments (0)