Share :
بدأ العازفون على الحان حماية المالية العامة المطالبة بالغاء الدعم النقدي للمحروقات، خصوصا بعدما تراجع سعر نفط "برنت" في الاسواق العالمية الى أقل من مستوى 100 دولار للبرميل. ذلك أن الحكومة كانت قد وعدت عند تحرير أسعار المحروقات، أن تستمر بالدعم النقدي للطبقات الوسطى والفقيرة طالما بقي سعر نفط برنت فوق مستوى 100 دولار، والتوقف عن هذا الدعم متى تراجع السعر العالمي الى أقل من ذلك. أما أصحاب نظريات المؤامرة، فيعتقدون أن الحكومة أسهبت في تخفيض أسعار المشتقات النفطية – على غير عادتها – تمهيدا لقرار سياسي بوقف الدعم النقدي، خصوصا مع الانخفاض الأخير في أسعار النفط عالميا. الطروحات السابقة تصطدم بمطبين: الأول أن المحروقات في الأردن لا تسعر استنادا الى أسعار النفط العالمية، والثاني أن أسعار المشتقات النفطية اليوم لا تختلف عما كانت عليه في بداية عملية رفع الدعم نهاية عام 2012 وبداية عام 2013. نعم، المحروقات في الأردن لا تسعر استنادا الى أسعار نفط "برنت" العالمية، انما استنادا الى أسعار المشتقات النفطية الجاهزة في الأسواق الدولية، وهو ما كشفت عنه وزارة الطاقة عبر برنامج "نبض البلد – قناة رؤيا" الأسبوع المنقضي. طريقة التسعير الجديدة التي كشفت عنها وزارة الطاقة، تعني أن قرار صرف الدعم النقدي ينبغي اسناده الى أسعار المشتقات النفطية الجاهزة، وليس الى سعر نفط برنت الذي انخفض مؤخرا الى ما دون مستوى الــ 100 دولار. وبمعنى أدق، يجدر بالخطاب الحكومي تحديد سعر البنزين والكاز والسولار، الذي دونه يتوقف الدعم النقدي، بدلا من ربط صرف الدعم بأسعار عالمية ليس لها أدنى علاقة بتسعير المشتقات النفطية، كما أكدت وزارة الطاقة. بافتراض أن الحكومة وافقت على المقترح السابق، يجد المراقب أن سعر المشتقات النفطية اليوم، هو ذاته الذي كان سائدا في نهاية عام 2012، وبداية عام 2013. فمثلا، بلغ سعر بنزين 90 في كانون الاول 2012 (أول سعر بعد التحرير) 800 فلس، وهو اليوم أيضا عند سعر 800 فلس، في حين تنطبق هذه المعادلة نفسها على أسعار المشتقات النفطية الأخرى، بما فيها الغاز الذي اقتضى تحرير بقائه ثابتا عند مستوى 10 دنانير للاسطوانة. الملحوظة السابقة، تعني ببساطة أن الدعم يجب أن يستمر، فالأسعار لم تنخفض مقارنة بما كانت عليه عند التحرير، وهي أيضا أعلى بكثير مما كانت عليه في عام 2008 عندما كان سعر بنزين 90 المحرر 575 فلسا، في حين أسعار نفط برنت أعلى من مستواها اليوم بنحو 30 دولارا. الحديث عن أهمية الدعم النقدي من حيث تحفيز العجلة الاقتصادية وتشكيل شبكة أمان اجتماعي حقيقية، وتعويض الطبقات الفقيرة والمتوسطة عن غلاء الايجارات، والضغط المتزايد على المرافق والخدمات العامة، واستخدام الدعم لتشكيل قاعدة بيانات أوسع عن دخول الأردنيين، جميعها قضايا يجدر بالجهات المعنية دراستها والنظر اليها أيضا قبل اتخاذ أي قرار يمس الدعم النقدي المصروف للأسر التي يقل اجمالي دخلها الشهري عن 800 دينار. لا ننسى أيضا بكل الأحوال أن الحكومة لم تقم بدفع كامل التزامتها من الدعم النقدي في 2013، اذ تم صرف دفعتين من أصل ثلاث دفعات، وهو ما بدأ يتكرر في عام 2014، حيث لا تملك الحكومة وقتا كافيا لصرف الدفعة الثالثة، وهي حتى اللحظة تقوم بصرف الدفعة الثانية من الدعم النقدي المرصود ضمن موازنة هذا العام. المطلوب من الحكومة اليوم الالتزام بصرف بنود الموازنة المحددة للدعم النقدي من دون نقصان، ومن ثم مواجهة الرأي العام، بسعر المشتقات النفطية الذي دونه يتوقف هذا الدعم أو يتم تخفيضه.
Comments (0)
Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked. *