Share :
الإرتفاع الملحوظ الذي طرأ على أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية الأخرى وخاصة مقابل اليورو سيكون له آثار إيجابية عديدة على الإقتصاد الأردني . إذ أن الدينار الأردني المرتبط بالدولار منذ حوالي عشرين عاما بدأ يرتفع كذلك مقابل اليورو والعملات الأخرى، مما يعني زيادة في القوة الشرائية للدينار وخاصة عند الإستيراد باليورو والعملات الرئيسية الأخرى غير الدولار، الأمر سوف يلغي أثر التضخم المستورد . وهذا الإرتفاع في سعر صرف الدولار وبالتالي سعر صرف الدينار كان متوقعا منذ بداية العام بسبب توجه البنك المركزي الأمريكي لإنهاء برنامجه التحفيزي لشراء السندات ، مما يعني توقف ضخ السيولة في الإقتصاد الأمريكي الأمر الذي يؤدي إلى شح الدولارات وبالتالي إرتفاع سعرها الذي سيشهد مزيدا من الإرتفاع مع رفع أسعار الفائدة على الدولار مع نهاية العام القادم . كما أن إرتفاع الدينار سيعمل على تخفيض تقييم المديونية الخارجية بالعملات الأخرى غير الدولار . من ناحية أخرى، إرتفاع الدولار يعني إنخفاض أسعار النفط التي هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات ، حيث أن النفط يسعر بالدولار مما يخفض من الطلب عليه مع إرتفاع سعر صرف الدولار الذي يجعل النفط أغلى ثمنا بالنسبة لحائزي العملات الأخرى ، هذا علاوة على تأثير زيادة الإنتاج العالمي من النفط وإنخفاض الطلب عليه نتيجة الركود في أوروبا والتباطؤ في الصين مما يحدث مزيدا من الإنخفاض في سعر النفط . سيستفيد الإقتصاد الأردني حتما من هذه التطورات الأخيرة المتمثلة في إرتفاع الدولار وإنخفاض النفط ، حيث أن ذلك سيساعد في خفض معدل التضخم إلى حوالي 2.8% بنهاية العام الحالي نتيجة إنخفاض التضخم المستورد الناجم عن إرتفاع الدولار والدينار وكذلك إنخفاض معدل التضخم في كل من الصين ومنطقة اليورو إلى أدنى مستوياتهما منذ خمس سنوات ، هذا فضلا عن إنخفاض مؤشر أسعار الغذاء الصادر عن منظمة الفاو إلى أقل مستوياته منذ أربعة أعوام ، وفي هذا المقام نتمنى على تجار المواد الغذائية تقليص هوامش أرباحهم الكبيرة في العام القادم وعدم تبريرها برفع تعرفة الكهرباء كما فعلوا في بداية العام الحالي . بالرغم من التأثير السلبي الطفيف من التطورات آنفة الذكر على المساعدات والمنح والإستثمارات والسياحة الخليجية للأردن بفعل تأثر دول الخليج بإنخفاض اسعار النفط ، إلا أن الآثار الإيجابية لإرتفاع الدولار وإنخفاض النفط ستفوق أي آثار سلبية أخرى ، ولا سيما أن إنخفاض التضخم في الأردن يعني تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وبالتالي زيادة الطلب الكلي والإستهلاك المحلي ، وبالتالي تحريك عجلة النشاط التجاري والإستثماري ورفع نسبة النمو الإقتصادي .كما أن الشركات الصناعية والخدمية ستنخفض كلفة إنتاجها جراء إنخفاض التضخم ، مما سيزيد من أرباحها ويرفع اسعار اسهمها ( إذا كانت مدرجة في السوق المالي ) . من جانب آخر وهو الأهم ، أن الحكومة ستستفيد كثيرا من تقليص فاتورة الطاقة التي تعتبر المعضلة الأولى للإقتصاد الأردني مما يساعد في تخفيض عجز الموازنة وبالتالي الحيلولة دون تفاقم المديونية . أما بالنسبة لإحتمالية تضررالصادرات بسبب إرتفاع الدولار ، فإن ذلك سيكون محدودا بالنظر إلى أن معظم المصدرين الأردنيين يستوردون مستلزمات ومدخلات إنتاجهم من الخارج ( بعكس الدول المصدرة الأخرى ) ، لذلك فإن قوة الدولار والدينار وإنخفاض كلفة المحروقات ستحسن من تنافسيتهم في الأسواق الخارجية . والخلاصة أن الإقتصاد الأردني مقبل على إنتعاش إقتصادي كبير في عام 2015 إذا ما إستقرت أسعار النفط والدولار عند المستويات الحالية وتفائلوا بالخير تجدوه .
Comments (0)
Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked. *